الثلاثاء، 2 يونيو 2015

اللعب التربوي بالمخيم







اللعب التربوي بالمخيم
شكيب الرغاي  28 أبريل 2015
1) مفهوم اللعب التربوي :
يشكل اللعب أهمية في حياة الطفل ونموه، حيث يحقق المتعة والبهجة والسرور والمرح والتسلية للأفراد لدرجة أن بعض العلماء اعتبروه ميزة من مميزات مرحلة الطفولة، إذ يكاد يكون معظم أوقات الطفل مرتبطا باللعب، وأن أغلب مظاهر سلوكه يتعلمها أثناء لعبه وأغلب خبراته يحصل عليها من اللعب، كما أن نوع اللعبة المتوفرة وما تستثيره لديه من كوامن الخلق والإبداع والتعلم لديه (1). اللعب عبارة عن أداة فعالة للتعبير والتواصل بين الأطفال فيما بينهم، حيث يمكن الأطفال من اكتساب الكثير من المعارف والمهارات والاتجاهات.


اللعب من أهم المنطلقات التربوية المعتمدة في تحقيق أهداف المخيم. ونظرا لأهمية اللعب في حياة الطفل فقد ذهب المربي السويسري " كلاباريد" إلى القول : " اللعب هو ماهية الطفولة" وقال "شيللر" : "يكون الإنسان إنسانا حين يلعب"(2).
يعتبر اللعب وسيلة من وسائل التعلم في العديد من المجالات والمهارات الحياتية، لكونه يساعد الأفراد على اكتساب العديد من المهارات والخبرات، فقد وظفته " ماريا مونتسوري" في طريقتها التعليمية، لكون اللعب يوفر قدرا وافرا من الحرية التي تنمي فعالية التدريب الحسي- حركي في عملية اكتساب المعارف.
اعتبر معظم التربويون أن اللعب نشاط يدخل ضمن مضامين التنشئة الاجتماعية للفرد ، لكونه يجعل الطفل فردا مشاركا في الجماعة، وعن طريقه يطور فهمه لقواعد النظام الاجتماعي، و يمكنه من إدماج مفهوم المعيار من خلال إدراكه للعلاقة مع الآخرين الني تحكمها معايير، ويجعله مساهما فعالا في سيرورة تعلمه (3).
2) أهمية اللعب في التربية :
ولتأكيد أهمية اللعب فقد أجريت بانجلترا دراسة لاختبار أثر اللعب على التعلم، وقد أبرزت تلك الدراسة أنه قد ترتب على ممارسة الأطفال للعب مجموعة من التغيرات والآثار التي يمكن تلخيصها بما يلي :
• نمو القدرة على التقاط الأشياء وجمعها بعناية ؛
• نمو القدرة على تركيز الانتباه ؛
• نمو القدرة على التعبير الشفوي والرسم بالأقلام ؛
• نمو القدرة على الإجابة عن الأسئلة ؛
• نمو القدرة على الكتابة بسرعة وإتقان ؛
• نمو القدرة على السلوك الاجتماعي الناضج ؛
• نمو القدرة على إقامة صداقات مع الأقران (4).
يعتبر البيداغوجيون على أن اللعب في مرحلة الطفولة وسيطا تربويا هاما، يعمل على تكوين الطفل في هذه المرحلة الحاسمة من النمو الإنساني، ولا ترجع أهمية اللعب إلى الفترة الطويلة التي يقضيها الطفل في اللعب فحسب، بل إنه يسهم بدور هام في التكوين النفسي للطفل، وتمكن داخله أسس النشاط التي تسيطر على الفرد (5).
وتتجلى أهمية اللعب في مجموعة من المميزات نذكر منها ما يلي :
• تنشيط القدرات العقلية والإبداعية عند الأطفال ؛
• تساعد على إحداث تفاعل الفرد مع مكونات البيئة بهدف التعلم وإنماء الشخصية ؛
• اللعب وسيلة تربوية تقرب المفاهيم للفرد وتساعده في إدراك معاني الأشياء ؛
• أداة فعالة لتنظيم التعلم ومواجهة الفروق الفردية وتعليم الأطفال وفقاً لإمكاناتهم وقدراتهم الجسدية والعقلية التي يساعدهم للإعداد للحياة المستقبلية؛
• يساعد الأطفال على تمرين قدراتهم وإمكانياتهم الحسية والعقلية ؛
• تنمية روح الابتكار والإبداع والمبادرة ؛
• يوظف اللعب كوسيلة للتفريغ عن الانفعالات ؛
• تساهم في توظيف الحواس و تنشيط الذهن وتنمية القدرة علي الملاحظة والتركيز والانتباه ؛
• اللعب وسيلة من وسائل اكتساب السلوك القويم والتحرر من التوتر النفسي ؛
3) تصنيف الفوائد التربوية للعب :
أجمع أغلب المنظرون التربويون على أن اللعب يؤدي إلى فوائد من النواحي : الجسمية، العقلية، الاجتماعية، الخلقية والتربوية، ولا يمكن بلوغ القيمة التربوية التي يتوفر عليها اللعب إلا إذا وُجِه في الاتجاه الايجابي الذي يحقق الأهداف المرجوة، وكلما كان اللعب منظما ومخططا له كانت نتائجه إيجابية.
يعتبر اللعب وسيطا تربويا إلا أنه محتاج إلى الضبط والدقة حتى يصبح اللعب "مُدخلا" فعالا لتربية الأطفال ولتعلمهم مهارات الحياة التي يحتاجها، وفي هذا الاتجاه يمكن تصنيف فوائد اللعب على النحو التالي :
الفوائد الجسمية :
بالإضافة إلى أن اللعب نشاط حركي يحقق المتعة والانشراح، فهو بالموازاة يقوي العضلات وينمي الجسم، وعبره يقوم الفرد بتصريف الطاقة الزائدة، كما أن اللعب يحقق للطفل التكامل بين وظائف الجسم الحركية مع الوظائف الانفعالية والعقلية والاجتماعية.
الفوائد العقلية :
يغني اللعب معارف الفرد ويقدم له خبرات ومهارات تصبح بفعل الممارسة المنظمة وبفعل التمرين الذهني الذي تحققه، تصبح راسخة لديه، يوظفها في المواقف المتعددة التي سيصادفها في حياته، فعن طريقه يراكم العقل التجارب والمهارات العقلية التي تمكنه من استعمالها في مواقف عديدة، كما تساعده بعض الخبرات من اكتشاف قدراته المكنونة التي تجد منفذا للظهور.
الفوائد الاجتماعية :
اللعب مع المجموعة يساعد الفرد على تعلم القيم والمبادئ الاجتماعية، فأثناء اللعب يتعلم النظام ويؤمن بروح الجماعة، ويقدر التضامن الجماعي، كما أن اللعب يساهم بشكل وافر في جعل الفرد يتحرر من التقوقع على الذات والانفتاح على الآخرين بإيجابية.
الفوائد الأخلاقية :
يتعلم الفرد أثناء اللعب معايير السلوك الحسن، مثل الصدق والأمانة والتعاون والاعتراف للآخر بما لديه، ومقاومة السلوكيات الخاطئة التي تتسرب لنفوس الأطفال عبر شعورهم بالفوز في اللعب بواسطة الغش، الكذب، والاحتيال ...  ويتمكن الفرد من تمثل القيم النبيلة في مواقف الحياة بنفس الطريقة أثناء اللعب.
4) شروط وقواعد تنظيم اللعب التربوي :
يتطلب اللعب التربوي التوفر على مجموعة من الشروط والقواعد، التي ترفق مع الإجراءات التنظيمية التي تمكن المنشط من النجاح في مهمته، ويحقق الأهداف التي من أجلها تم اختيار اللعب كأداة لتبليغ الغايات المرجوة منه. يستوجب تحقيق ذلك عبر التخطيط المسبق والتنظيم الجيد والتأطير الكافي المؤهل، وتزداد القيمة التربوية للألعاب إذا كانت تستند على منهجية واضحة الأهداف(6)
أ - شروط تنظيم اللعب :
• تحتوي اللعبة على هدف تربوي قابل للقياس ؛
• التخطيط والإعداد الجيد للعبة وتوفير متطلباتها ؛
• تناسب الألعاب مع القدرات البدنية والعقلية للأطفال ؛
• التأكد من توفر الوضعية التنشيطية المؤدية لنجاح اللعبة ؛
• تنظيم المجموعات المشاركة مع تحديد الأدوار؛
• إتقان المنشطون لقواعد اللعبة وإدراك المتعة التي سيحسها الأطفال ؛
• أن تكون اللعبة متناسبة مع الفضاء وخالية من المخاطر؛
• خلو طريقة التنافس من الحركات التي تشكل خطرا يمكن أن يضر بالأطفال ؛
• أن تتناسب مدة اللعبة مع مراحل إنجازها حتى بلوغ هدفها ؛
ب - قواعد اللعب التربوي :
الشرح المفصل الواضح لقواعد اللعبة، مع تقديم النموذج ؛
توضيح كيفية تحصيل النقط لبلوغ الفوز ؛
شرح مراحل اللعب، بدايته ونهايته ؛
كما يقوم المدربون بمجموعة من التدخلات والإجراءات المرتبطة بإنجاح اللعب ، أثناءه وبعد تنظيمه مثل :
• التدخل لتقديم المساعدة وتمديد الشرح بعد انطلاق اللعب إذا تطلب الأمر ؛
• تفادي الاختلافات في فهم القواعد لإزالة التوتر بين الأطفال ؛
• إعداد الأطفال لتقبل الهزيمة في اللعب كما يتقبلون الانتصار؛
• تقويم اللعبة للتأكد من بلوغ أهدافها ؛
5) معايير تصنيف أنواع الألعاب (7):
يصنف التربويون المهتمون بالتربية بواسطة الألعاب بين عدة أصناف من اللعب، وذلك وفق الأهداف التي يأملون بلوغها من كل نوع من اللعب الذي اختاروه، وذلك انطلاقا من طبيعة المعايير التي اعتمدت في ذلك التصنيف، ومن بين هذه التصنيفات :
اعتماد معايير النمو والتطور : ونجد مثل هذا التصنيف الذي اعتمده "بياجي" حيث قسم فيه الألعاب إلى :
• الألعاب الحسية الحركية ؛
• الألعاب الرمزية ؛
• الألعاب المعقدة ؛
اعتماد معايير تتحدد عبر وصف طبيعة الأنشطة المرغوب توظيفها خلال الألعاب، وتركز على جانب معين من مكونات النشاط وهي كالآتي :
• الألعاب الحركية ؛
• ألعاب الذكاء ؛
• الألعاب التمثيلية ؛
• ألعاب الحظ ؛
• الألعاب الثقافية ؛
• الألعاب الأدبية، القصصية، الشعرية ؛
6) التصنيف المتداول بالمخيمات التربوية :

يجمع اللعب حسب التصنيف المتداول بالمخيمات التربوية كل هذه الأنشطة بشكل يصعب معه تصنيف نوع واحد من النشاط مثل الحركي أو الذكاء ... لأن العديد من الألعاب تجمع بين هذه الخصائص، ولهذا يصعب التمييز بينها كما هو الحال في التصنيف الثاني، وعليه فالتصنيف المتفق عليه في المخيمات يجمع أغلب هذه المعايير في تداخل ينصهر جل مكوناته،
وبناء على ذلك تصنف الألعاب المتداولة بالمخيم حسب أماكن إقامة هذه الألعاب كالآتي :
·         الألعاب الكبرى
·         ألعاب الهواء الطلق
·         الألعاب الداخلية
·         الألعاب العائلية
ألعاب الهواء الطلق :
هي الألعاب التي تمارس في الطبيعة : شاطئ، غابة، حديقة، أو أي فضاء تصلح لذلك، تشارك المجموعات في التنافس الذي يتطلب الحركة والسرعة والخفة والتعاون بين أفراد كل مجموعة، تخصص لهذه الأنواع من الألعاب حصص في البرنامج، تتناسب مع الفترة الزمنية التي يكون الأطفال في حاجة للحركة والجري، تمارس إما كنشاط منفرد أو مندمج مع أنشطة أخرى . . .
الألعاب الكبرى :
هي الألعاب التي يشارك فيها عدد كبير من المجموعات، تكون المدة الزمنية طويلة مقارنة مع الألعاب الأخرى، لأنها ألعاب تعتمد على مسافات طويلة نسبيا، وترفق مع هذه الألعاب بمهارات فك الرموز والألغاز التي تساعد في الوصول إلى الهدف، تعتمد هذه الألعاب على التنافس بين المجموعات التي تتحرك في حيز مجالي يتناسب مع حجم اللعبة. تعرف هذه الأنواع من الألعاب الحماس والتشويق والاكتشاف المرفق بروح المغامرة، ما يجعل الأطفال يتحمسون كثيرا للمشاركة في هذه الألعاب الكبرى التي تبقى ذكرياتها راسخة في الأذهان.
تبرمج مثل هذه الألعاب بمعدل اثنين أو ثلاثة في المرحلة، نظرا للمجهود البدني والعقلي الذي تتطلبه عملية الإعداد، وكذلك مجهود التنافس بين الأطفال.
الألعاب الداخلية :
تمارس الألعاب الداخلية داخل القاعات أو بالفضاءات المحدودة، المكان الذي يتسع للمجموعة كي تلعب ألعابا تمثيلية أو الذكاء أو الألعاب الثقافية... تزاول هذه الألعاب أثناء السهرات التربوية الليلية، أو تدمج مع أنشطة أخرى مثل المسابقات الثقافية أو الفنية، تعتمد هذه الألعاب كثيرا على الذكاء وقوة الملاحظة وعلى التوقع والمبادرة وسرعة البديهة والارتجال.
الألعاب العائلية :
تسمى كذلك لأنها تمارس داخل البيوت بين أعضاء الأسرة، يزاولها الأبناء فيما بينهم أو رفقة الآباء، وهي عبارة عن ألعاب إما يتم اقتناؤها أو صنعها، وعادة ما يشارك فيها شخصين أو ثلاثة أو أكثر حسب نوع اللعبة. يمارس الأطفال هذه الألعاب بالمخيم داخل قاعة النوم أو أثناء القيلولة أو في حصص خاصة، كما يمكن للأطفال خلال حصة الأشغال اليدوية من صنع بعض الألعاب العائلية، أو ابتكار ألعاب جديدة يصنعونها بأنفسهم ويلعبون بها إما في حصص خاصة أو في الأوقات المشار إليها.
المراجع :
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1) عبد السلام الدويبي – المدخل لرعاية الطفولة – الدار الجماهيرية للنشر والتوزيع والاعلان.
2) د. سوزانا ميلر- سيكولوجية اللعب – ترجمة د. حسن عيسى- مراجعة د.محمد عماد الدين اسماعيل – عالم المعرفة –
عدد 120
3) د. أحمد شبشوب – موضوع : إشكالية مفهوم الطفولة – مجلة علوم التربية – العدد 3
4) محمود طافش - دور اللعب في تنمية التفكير عند الأطفال www.hikmehscool.com/makalat
5) www.annabaa.org
6) www.hikmehscool.co
7) شكيب الرغاي ـالمخيمات التربوية ـ 2010



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق