الجمعة، 8 يونيو 2012

البرمجة في مجال التنشيط إعداد الأستاذ : محمد سامي بوراوي

البرمجة في مجال التنشيط
إعداد الأستاذ : محمد سامي بوراوي
جامعة تونس
إن التنشيط الاجتماعي الثقافي، حسب لابوري 1978، هو مجموعة من الممارسات والأنشطة والعلاقات الثقافية والاجتماعية، ينظمها منشطون لفائدة أفراد أو جماعات خلال الأوقات الحرة لهؤلاء، وهو حسب لمبوس، Limbos 1971 و1984، عملية تسهيلية تهدف إلى إظهار طاقة موجودة داخل الفرد والمجموعة وإبراز تلك الطاقة إلى أرض الواقع بوضوح من خلال محاور تنسجم مع حاجيات المجموعة وميولها حتى تساعد على تفتق شحنات الطاقة الكامنة في عمق كل كائن بشري.
يمكن أن نميز العديد من أنواع الممارسات التنشيطية، وهي تتوزع وفق الأصناف التالية :
- تصنيف حسب المستوى : تنشيط اجتماعي، ثقافي، تربوي، سياسي، اقتصادي، رياضي جمالي، الخ …
- تصنيف حسب نوعية النشاط : تنشيط موسيقى، سياحي، ترويجي، خاص بنادي السينما، خاص بنادي الكتاب، إلخ…
كما يمكن أن يكون تصنيفا حسب السن (تنشيط شبابي، خاص بالكهول، الخ.) أو حسب الجنس أو المجال الجغرافي (حضري، ريفي) الخ …
ويحقق التنشيط الثقافي جملة من الوظائف، حسب بسنارBesnard،1980 و1978، وغيره من الأخصائيين، تتمثل في :
- وظيفة الاندماج والتكيف الاجتماعي.
- وظيفة التقويم والعلاج الاجتماعي (الحد من الانحراف )
- وظيفة ربط العلاقات والتواصل الاجتماعي (مع الرواد والمحيط )
- وظيفة الترفيه والترويح.
- وظائف ثقافية، الاطلاع على الواقع ومواكبته وأيضا الخلق والإبداع وكذلك النقد.
اعتمادا على هذه المعطيات يمكننا اقتراح التعريف التالي للتنشيط
هو وضعية تفاعل بين متدخل يقوم بوظيفة تسهيلية وأفراد وجماعات لهم ميول وحاجيات يسعون إلى إشباعها باستعمال وسائط ثقافية خلال أوقاتهم الحرة لتيسير اندماجهم عبر تحقيق توازنهم النفسي والاجتماعي.
ويستدعي القيام بالعملية التنشيطية عديد المقومات من أبرزها عملية برمجة أنشطة بأهدافها ومحتوياتها أو مراحل إنجازها.
1/ تعريف البرمجة :
إن البرمجة هي تصميم مفصل للمواد المزمع إنجازها وتنزيلها ضمن أهداف واضحة.
إن المقصود بالبرمجة في مجال التنشيط هو وضع محتوى نشاط ما وفق أهداف وتوزيعه زمنيا – سنوي وشهري ويومي.
ويعتبر مقدسي (1888) أن برمجة التنشيط تختلف عن عمليات البرمجة الأخرى كبرمجة الإنتاج السلعي. ويتمثل الاختلاف في أن الأخيرة تستهدف المردود الأسرع والأكبر لا الإنسان الذي جعل المردود من أجله. أما برمجة التنشيط فتستهدف على المدى البعيد إنقاذ الإنسان من جحيم برمجة المنشآت الإنتاجية الكبرى وروتينيتها حتى ترد إليه عفويته المبدعة.
2/ متطلبات عملية البرمجة :
يقوم وضع البرامج على أسس تتمثل في مراعاة خصائص الرواد والمؤسسة والمجتمع وكذلك تبويب الأنشطة وضبط محتواها وتوزيعه زمنيا.
1. 2. مراعاة خصائص وإمكانات أطراف التفاعل
تقوم مؤسسات التنشيط بثلاثة أصناف من الأنشطة شأنها شأن أي منظومة. فالمنظومة، حسب أرجيرس Argyris ،1970، تسعى إلى أداء ما يلي :
- أنشطة إنتاج : وهي تمثل هدف المؤسسة في إنتاج خدمات (تنشيط الرواد) .
- أنشطة مركزة على تماسك نظامها الداخلي : كالتنسيق بين مختلف إداراتها وخلق تناغم وتكامل بين الأفراد والجماعات .
- أنشطة موجهة نحو تأقلمها مع محيطها : وهو شرط أساسي لتطورها وبقائها.
والمقصود بمحيطها هو الوسط الذي يتنزل منه الرواد والسياق الإداري والقانوني والسياسي والثقافي الذي يؤثر في نظام اشتغال المؤسسة وكذلك باقي عناصر المجتمع. فهذا المحيط هو الذي يزودها بما تحتاجه من إمكانات مادية وبشرية ويطالبها بخدمات لأفراده وجماعاته. فالمنظومة تزود المجتمع بما أنتجته، والمجتمع قد يرضى أو لا يرضى عن هذا الإنتاج ويعبر عن ذلك وفق مفعول ارتجاعي.
يتبين لنا من هذه المقاربة تعدد أطراف التفاعل في العملية التنشيطية، وهذا ما يستوجب مراعاة خصائص وإمكانات كل طرف من هذه الأطراف عند القيام بعملية البرمجة.
1.1.2 مراعاة خصائص الرواد:
1.1.1.2 معرفة ميول وحاجات الرواد:
تعتبر معرفة ميول وحاجات الرواد ركنا هاما في عملية البرمجة. فالبرمجة يجب أن تكون كفيلة بإشباع حاجات الأفراد كما أشار إلى ذلك كميلاري Camillerie وتابيا Tapia وعبد الحميد عطية (1991) وغيرهما من الأخصائيين.
يعرف روكلان ومارتان Reuchlin -Martin ،1991، الميل بأنه اتجاه إيجابي مختلف الشدة لأفراد نحو مواضيع مختلفة من بيئتهم.
هذا الاتجاه النفسي للفرد تؤثر فيه عوامل بينية وأخرى ذاتية كإمكاناته وشخصيته وانتمائه الشقي، …
ومن أهم ميول الشباب التي صنفها الأخصائيون يمكن أن نذكر : الميول العلمية، الميول الفنية، الميول الأدبية، الميل إلى الخدمات الاجتماعية، الميل إلى التحرر الفكري، الميل إلى اللعب والرياضة، إلخ …
تبين روشبلاف سبنلي Rocheblave - Spenle أن اهتمامات الشباب تتميز بتنوعها، وغالبا ما نلاحظ تشتتا لهذه الاهتمامات (المراهق يبدأ نشاطات دون أن يتمها) ويعزى هذا إلى فترة المراهقة وهي فترة المحاولات (تجربة / خطأ).
ولكن قد تعترض ميول الشباب عدة عقبات، وهي حسب لوتي،Lutte، 1988 : قلة الوقت، قلة المال، ضغط الوسط الاجتماعي، محدودية القدرات الذاتية.
ويمكن إشباع الميول غالبا من إشباع عديد الحاجات، والحاجة هي كل ما يعتبر ضروريا أو مفيدا لتحقيق التوازن الجسمي أو/ النفسي أو/ الاجتماعي، وهي حسب ماسلو
- الحاجات الفيزيولوجية
- الحاجة إلى الأمن والطمأنينة
- الحاجة إلى الانتماء
- الحاجة إلى الاعتراف والتقدير
- الحاجة إلى المعلومات والفهم: لما يتعلق بحاجته وبالمجتمع الذي يعيش داخله
- الحاجة إلى تحقيق الذات: تتحقق هذه الحاجة بإشباع الإنسان لحاجته الأخرى وبتحقيق أهدافه.
وفي فترة المراهقة تصبح من أهم الحاجات الحاجة إلى الاستقلالية والصداقة واكتساب المهارات والمعارف وتنمية القدرات وكذلك الحاجة إلى النجاح والشعور بالإنجاز وإثبات الذات.
إن السلوك الذي يقوم به الفرد استجابة لحاجياته مآله أما الإشباع أو الفشل، فإشباع الحاجات يساعد الفرد على تحقيق تكثيف نفسي واجتماعي، أما عدم الإشباع فيؤثر على السلوك إذ يؤدي إلى ظهور أعراض سوء التكيف النفسي والاجتماعي التي تأخذ أشكالا تتفاوت في تنوعها حسب شخصية الفرد وطبيعة المحيط الذي يعيش داخله.
ومن أبرز الأعراض التي يمكن ملاحظتها: التوتر النفسي، الانطواء على النفس، الشعور بالنقص، الاستهتار، التمرد، السلوكيات المنحرفة والتأخر الدراسي.
أما العوائق التي يمكن أن تحول دون إشباع الحاجات فهي :
- عوائق مرتبطة بالفرد : المرض، الإعاقة، التقدير الخاطئ للإمكانيات.
- عوائق مرتبطة بالمحيط : المناخ الأسرى المتدهور، عدم مراعاة المؤسسات التربوية للحاجات، العادات والتقاليد.….. يتبع .


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق