الأربعاء، 17 أكتوبر 2012

الثقافة والعمل الجمعوي

الثقافة والعمل الجمعوي
(جهة الشراردة بني حسن نموذج)








لقد عرفت جهة الشراردة بني حسن في السنوات الأخيرة تأسيس جملة من الجمعيات الثقافية، في العديد من الأحياء الشعبية، لاسيما بمدينة القنيطرة وكذلك في المدن الصغرى وبعض القرى النائية. وقد تكاثر تأسيس الجمعيات لدرجة اعتبر البعض أن العمل الجمعوي لم يعد ظاهرة فقط وإنما أضحى ظاهرة اجتماعية. فلم يعد العمل الجمعوي هاجس النخبة والمثقفين أو من فعل الجمعيات الإقليمية والجهوية الكبرى عبر خلق فروعها في مختلف أنحاء البلاد، بل إنه أصبح يعبر عن حاجة لدى عدد متعاظم من المتعلمين وغير المتعلمين وعموم الفاعلين في الجسم المجتمعي مباشرة.

لقد أصبح العمل الجمعوي بالجهة، أكثر من أي وقت مضى، يرتبط بهموم وتطلعات قطاعات اجتماعية واسعة، وأغلبها كانت، بالأمس القريب، قطاعات مهمشة عموماً، بل بعضها كان مقصياً كلياً، عن الحقل الفكري والثقافي المقتصرً على "المثقفين الكبار"، أو من كانوا ينعتون كذلك، عندما كانت الثقافة في برجها العاجي بعيدة عن المواطن العادي.
ولعل هذا المد سائر حالياً صوب جعل الجمعيات والعمل الجمعوي أحد عوامل إعادة إنتاج وتوزيع المنتوج الثقافي والإبداعي على أوسع الأصعدة.

وتكمن أهمية هذا المد في كونه يسعى إلى ربط الدوائر المهمشة بالأمس (الأحياء الشعبية، المراكز الصغيرة، القرى النائية) بمسار الإنتاج الفكري والثقافي الذي تعرفه البلاد. وهذا من شأنه، لا محالة، المساهمة في بلورة وعي مشترك بالقضايا المثارة في هذا الحقل. ولا أدل على ذلك ما نلاحظه من اهتمام فكري وتحليلي بالتعبيرات الثقافية المحلية. وهذه صيرورة مآلها الحتمي هو الربط بين الخاص والعام، وبين الثقافي والحضاري، وبين الفكري والاجتماعي، وفي نهاية المطاف الربط بين الواقع المعيش والقضايا المصيرية.

فإذا كان العمل الجمعوي سابقاً يعيش نزعة تجزيئية بين المجالات (السينما، المسرح، الكتابة...)، جعلته يحيى في دوائر مغلقة، فإنه اليوم يتجه نحو مناطق الربط والتواصل بين مختلف المجالات. وهذه، في حد ذاتها، خطورة أولى نحو السعي وراء تحقيق شمولية العملية الثقافية.

ومن الإشارات الإيجابية أن العمل الجمعوي بدأ، منذ سنوات، يتوجه نحو تجاوزات العلاقات الآلية (بين السياسي والثقافي) التي كانت تحكمه منذ انطلاقه في حضن الحركة الوطنية. وبالتالي، التخلص من الولاء الحزبي الضيق الآفاق والاهتمامات والمحدود المدى.

وهذا، في حد ذاته، يعتبر تطوراً متناهياً بخصوص الوعي بخصوصية العمل الثقافي وباستقلاليته النسبية عن باقي المجالات الأخرى. وهذه الاستقلالية النسبية من شأنها أن تجعل العمل الثقافي ـ على وجه الخصوص ـ والعمل الجمعوي ـ على وجه العموم ـ مدرسة حية وحيوية لتفعيل الممارسة الديمقراطية ولتكريس ثقافة الديمقراطية والتعامل الديمقراطي. كيف لا والعمل الجمعوي يعتبر فعلا يومياً يخضع باستمرار لمحك الواقع. وبالتالي يمكنه أكثر من أية آلية أخرى، من إنتاج جملة من القواعد والتقاليد في الممارسة عبر مواكبة سيرورة التغيير.

إلا أن هذا التطور لا يجب أن يحجب على أعيننا استمرار وجود جملة من النواقص التي لازالت عالقة بالعمل الجمعوي. ومن أهمها فقدان أغلبية الجمعيات لأرضية ورؤية واضحتي المعالم ومحددتي المقاصد، الشيء الذي يساهم في استمرار سيادة العفوية والارتجالية في العمل الجمعوي والاكتفاء بالجاهز. ومن شأن هذا الواقع أن يكرس قوقعة الجمعيات في دائرة النقل والتكرار والموسمية والمناسباتية (نفس الأسابيع الثقافية وأحياناً بنفس المواضيع ونفس الوجوه ونفس التنظيم ونفس السيناريو...). وهذا النمط لم ينتج إلا توجها أحادي الاتجاه، غير خلاق، مثقف محاضر (المنتج) وجمهور متلقي ومستهلك فقط. وهذا أمر يكرس مركزية القرار الثقافي.

وفي هذا الصدد لا مناص من إثارة إشكالية ذات أهمية خاصة. وهي المتعلقة بالفهم المغلوط لجماهرية العمل الثقافي. إذ أن النظرة المهيمنة هي تلك التي تثمن نجاح وجماهرية التظاهرات الثقافية بإقبال الجمهور عليها. وربما هذا ما يدفع مختلف الجمعيات إلى استدعاء الشخصيات الوازنة والرُموز لجلب أكبر عدد من الجماهير. وهذه نظرة تركز على الكم أكثر ما تعتبر الكيف. باعتبار أن المهم والأهم في العمل الثقافي يكمنان بالأساس في وظيفة هذا العمل الثقافي، وبالتالي في مدى تمكنه من تكسير العلاقة الشاذة بين المحاضر (المنتج) والمتلقي (السلبي) (المنتج/ المستهلك). لأن العمل الثقافي ذي البعد الجماهيري الفعلي هو الذي يسعى إلى تحرير الطاقات الخلاقة عند المتلقي الذي يتفاعل معه. أي، إخراجه من وضعية المستهلك السلبي إلى موقع المستهلك الإيجابي ثم إلى موقع المنتج المبدع والمبادر.

وهكذا يصبح مقياس جماهيرية العمل الجمعوي هو في الحقيقة مدى قدرته على تفعيل بروز مثقفين ملتحمين بالواقع المجتمعي، وبتطلعات الناس وطموحاتهم وانتظارا تهم.

وعموما، إن العمل الجمعوي بجهتنا مازال يطغى عليه الطابع الأدبي، ومازال يشكو من غياب البحث الميداني.

ولقد حان الوقت إلى الاهتمام بالإشكالية الثقافية لبلورة مشروع تجديد ثقافي لتمكين العمل الجمعوي من لعب دوره في عملية إعادة الارتباط بالواقع وبهموم المواطن وانتظارا ته وطموحاته. وأوّل خطوة في هذا المسار هي التصدي للنظرة المحتقرة لكل ما هو محلي وخصوصي، وتغيير النظرة الاستخفافية السائدة في التعامل بهذا الصدد. وذلك عبر تشجيع الاهتمام بالذاكرة الجماعية عوض التأمل المختبري أو انطلاقاً من الصومعة العاجية. وهذا بدوره يتطلب ابتكار طرق وأساليب تسمح بتفعيل دور المتلقي ليرقى على إشكالية أخرى مهمة بمكان. وهي مسألة العلاقة داخل الجمعيات وعلاقة هذه الأخيرة بأعضائها وجمهورها، وجدلية الفرد والجماعة في الإبداع الثقافي، باعتبار أن الجمعية عليها أن تكون مثقفا جماعيا.

وخلاصة القول فإن العمل الجمعوي عليه أن يكون مدرسة للديمقراطية، للمعرفة وتفعيل سيرورة التغيير لتمكين بلادنا من صنع مستقبل يواكب الركب.

إدريس ولد القابلة رئيس تحرير جريدة فضاء الحوار




الخطوات العشر لتأسيس الجمعية

الخطوات العشر لتأسيس الجمعية

 تقديم
المراحل الأولى للتأسيس
الإجراءات القانونية

  
تقديم
من السهل الإحاطة بكل ما هو قانوني وعملي في إطار تأسيس جمعية في ظل تواجد أمرين أساسين : التوثيق والإرادة.
كم من جمعية انطلقت بأهداف محددة وانتقلت بعد ذلك إلى العمل بأنشطة بعيدة كل البعد عن اختياراتها التأسيسية. يرجع ذلك إلى كون العناصر الأولى التي ساهمت في التأسيس ووضع الأسس الأولى للجمعية لم تقم بتوثيق وأرشفة ما يمكن تسميته بالدواعي التأسيسية. وتظل هذه النقطة بالأساس من المحاور التي اختلف ويختلف فيها الكثير حيث أن الغالبية العظمى ممن لهم إرادة العمل يريدون المرور مباشرة للقيام بالأنشطة التي ستترك الأثر المأمول. غير أنه مع مرور الزمن وتغير الأشخاص تأخذ تلك الأنشطة مناحي مختلفة قد تزيغ عن الخط الاستراتيجي والدافع الأساسي الذي كان التأسيس من أجله. لدى يظل لزاما على من يود تأسيس الجمعية كتابة تصور يشمل:

ü     منطلقات التأسيس،
ü     الأسئلة والإشكالات التي يراد الإجابة عنها،
ü     ميادين التدخل
ü     ومنهجية العمل.

في غالبية الأحيان تقوم الجمعيات باستنساخ قوانين أساسية لتقديم ملفاتها للسلطات المعنية. ولكن، رغم أن الحجية القانونية لهته القوانين لا تناقش، تكون إلزاميته الداخلية والاعتبارية داخل الجمعية غير ذي مصداقية. ومن وجهة نظرنا، يستحسن أن يكون القانون الأساسي للجمعية مستنبطا من توجهها وتصورها عوض أن يكون وثيقة زائدة تكمل الملف الإداري فقط. من الطبيعي أن تتم الاستعانة ببعض القوانين والتجارب الموجودة، غير أنها يجب أن تظل في حدود الاستئناس خصوصا من ناحية الأبواب والشكل، أما ما يتعلق بالأهداف، الهياكل التنظيمية والعضوية فيجب أن تطرح للنقاش الفعلي بين الأعضاء المؤسسين.

المراحل الأولى للتأسيس

من خلال التقديم يتضح أن أول خطوة يجب إتباعها خلال عملية تأسيس الجمعية هي بناء التصور العام ووضع القوانين الأساسية.
غير أن بين هاتين المرحليتين المهمتين هناك بعض الخطوات الإجرائية منها تكوين اللجنة التحضيرية، تقسيم المهام، إعداد لائحة بالأعضاء المؤسسين والاتصال بهم، وانتهاء بتحديد موعد الجمع العام التأسيسي.
الخطوات العشرة الأولى لتأسيس الجمعية:

1- تكوين اللجنة التحضيرية
2- توزيع المهام على أعضاء اللجنة التحضيرية
3- إعداد مشروع التصور العام للجمعية
4- إعداد مشروع القانون الأساسي
5- تحديد لائحة بالأعضاء المؤسسين
6- الاتصال بالأعضاء المقترحين ومناقشة الفكرة ودواعي التأسيس وطلب الموافقة المبدئية
7- تحديد موعد الجمع العام التأسيسي
8- إعلام السلطات المحلية بموعد الجمع العام التأسيسي ومكان انعقاده –
9- بعث بدعوة للأعضاء المؤسسين مصحوبة بالوثائق اللازمة قبل مدة تتراوح مابين 10 و 15 يوما بحسب حجم ومحتويات الوثائق. وبشكل عام، الوثائق الضرورية المرفقة للدعوة هي :
ü     ‌مشروع القانون الأساسي
ü     ‌مشروع التصور العام
ü     ‌لائحة بأسماء الأعضاء المؤسسون
10- انعقاد الجمع العام التأسيسي: وتتألف أشغال الجمع العام التأسيسي من :
ü     ‌كلمة اللجنة التحضيرية: تشمل الترحاب، والتذكير بأسباب ودواعي التأسيس وكذا الخطوات التي تم سلكها للوصول إلى المرحلة
ü     ‌تقديم الخطوط العريضة للتصور - على اعتبار أن الأعضاء توصلوا به وقرؤوه - ومناقشته
ü     ‌تقديم القانون الأساسي ومناقشته والتصويت عليه
ü     ‌تعيين أو تصعيد أو انتخاب أعضاء المكتب المسير: إن عملية اختيار المكتب المسير الذي سيقود المرحلة التأسيسية هي أول وأهم مهمة يقوم بها الأعضاء المؤسسون. لذلك كان لزاما اختيار الوسيلة الناجعة التي ستضمن انتقاء أعضاء المكتب المسير الذين سيكونون في مستوى المرحلة التأسيسية. كثيرة هي الجمعيات التي لديها طاقات بشرية هائلة، وتصور واضح، ولعدم الاكتراث لعملية اختيار أعضاء المكتب المسير الأول، تهاوت آفاقها وتصوراتها، ولم تر أعمالها النور. قد تكون الانتخابات هي الحل، باعتبار أنها تراعي مبدأي الرغبة والتنافس، إلا أنه وحسب اعتقادنا، تكون مهمة صعبة إذا كان الأعضاء المؤسسون للجمعية لا يتعارفون فيما بينهم. لذلك، نرى أنه يجب التمييز بين قواعد انتخاب المكتب المسير الأول، وانتخاب المكاتب التي تليه. ففي الوقت الذي لا محيد عن الانتخابات الديمقراطية والشفافة في انتخاب المكاتب العادية، يكون التصعيد من العمليات المحبذة. حيث تتشكل لجنة للترشيح تتكون من النواة التأسيسية الأولى بالأساس، ثم تقدم لائحة بأسماء الراغبين في تولي مسؤولية تسيير الجمعية، وتختار منهم اللجنة من ترى فيهم القدرة على تسيير الجمعية في هذه المرحلة.

الإجراءات القانونية

بعد انعقاد الجمع العام التأسيسي وتعيين المكتب، هل يمكن اعتبار أن الجمعية قد تكونت فعلا؟ بالنسبة للجمعية هناك نوعان من التواجد: فعلي وقانوني .

1-
التواجد الفعلي: تعتبر الجمعية متواجدة فعلا ابتداء من انعقاد الجمع العام التأسيسي وبقيامها بأنشطة داخل إطار التدخل الذي حددته لنفسها

2-
التواجد القانوني: يتم عادة بعد وضع الملف القانوني لدى السلطات المحلية عند مديرية الشؤون العامة بالبلدية أو الباشاوية. وبمجرد حصول الجمعية على وصل الإيداع المؤقت تصبح الجمعية موجودة قانونيا ويمكن مزاولة بعض الأنشطة الداخلية كتنظيم العمل الداخلي وتحضير الوثائق التنظيمية. على أن القانون حدد أن الجمعيات ستحصل على الوصل النهائي وجوبا في أجل أقصاه شهرين. وفي حالة مرور شهرين دون أن تحصل على الوصل النهائي، تعتبر الجمعية كاملة الشخصية الاعتبارية والقانونية ويمكن مزاولة أنشطتها بكامل الحرية.
وللتوضيح فقط، إن وصل الإيداع هو إعلان عن الوجود القانوني للجمعية (شهادة ميلاد) وليس ترخيصا بالعمل. فالقانون لم يحدد في أي من فصوله أن الجمعية التي لم تحصل على وصل الإيداع لا يرخص لها بالعمل. ويعتبر أي ادعاء من هذا القبيل هو تجاوز في استعمال السلطة.

ويتكون الملف القانوني من:
ü     القانون الأساسي مصادق عليه: للإشارة، المطلوب الإمضاء والمصادقة على كل صفحة من صفحات القانون الأساسي
ü     صورة البطاقة الوطنية لكل عضو من أعضاء المكتب المسير
ü     لائحة أعضاء المكتب المسير وتشمل: الأسماء الشخصية والعائلية، الجنسية، السن، تاريخ ومكان الازدياد، المهنة، والعنوان.
ü     محضر الجمع العام التأسيسي: للعلم فقط ليس المطلوب في محضر الجمع العام الإحاطة بجميع تفاصيل النقاش الذي دار خلال الجمع وإنما ذكر فقط الخطوط العريضة كقراءة التصور والقانون الأساسي والمصادقة عليهما، انتخاب المكتب مع ذكر أسماء أعضاء المكتب وكذا تاريخ ومكان انعقاد الجمع العام.

وتقدم هذه الوثائق في ثلاث نسخ


الاثنين، 8 أكتوبر 2012

الإستراتجية الوطنية المندمجة للشباب والمجلس الوطني الاستشاري للشباب



"لقاءات شبابنا" مع السيد يونس الجوهري
مدير الشباب والطفولة والشؤون النسوية بوزارة الشباب والرياضة

المصدر 
احتضنت القاعة الكبرى بوزارة الشباب والرياضة يوم الجمعة 5 أكتوبر الجاري فعاليات النشاط المتعلق بلقاءات شبابنا، والذي استضاف السيد يونس الجوهري، مدير الشباب والطفولة والشؤون النسوية في أول لقاء ينظم هذه السنة في هذا الإطار مع الشباب، وذلك للحديث ومناقشة المستجدات المرتبطة بموضوعين رئيسين يشكلان أحد الانشغالات الراهنة للوزارة الوصية، ويتعلق الأمر بالإستراتجية الوطنية للشباب والمجلس الوطني الاستشاري للشباب.بعد الكلمة الترحيبية للسيدة فدوى الريح، مديرة المركز الوطني للإعلام والتوثيق للشباب، معلنة معها عن انطلاق الموسم الثالث للقاءات شبابنا والذي عرف نجاحا كبيرا في موسميه السابقين بفضل الأسماء المتميزة التي استضافها وأيضا بفضل مساهمة الشباب ومشاركتهم الفعلية في إغناء الحوار.
بعد ذلك، تدخلت الآنسة ماجدة الكتوبوي، منشطة لقاء اليوم، لتطرح مجموعة من الأسئلة على الضيف الكريم والمرتبطة بالقضايا التي تشكل الاهتمامات الراهنة للشباب المغربي. قبل الإجابة عن التساؤلات، حرص السيد الجوهري على توجيه كلمة شكر إلى الشباب الحاضر ولا سيما الفئة التي تلتزم بشكل مستمر في المشاركة في جميع الأنشطة التي ينظمها المركز الوطني للإعلام، كما نوه بالمجهودات التي ما فتئت تبذلها السيدة فدوى الريح لإنجاح مثل هذه الأنشطة والتي تهدف بالأساس إلى الاستماع إلى صوت الشباب وتعزيز ثقافة الحوار.
حول سؤال متعلق بالمعايير الخاصة بالسن التي اعتمدتها الوزارة للمشاركة في الحوار الوطني الأخير، ذكر السيد الجوهري الحاضرين بأن الحوار الوطني الأول للشباب عرف مشاركة 4000 شاب وشابة، وحيث أن المغرب شهد في الآونة الأخيرة مجموعة من الأحداث الهامة؛ من ضمنها اعتماد دستور جديد، تعيين حكومة جديدة، كما لوحظ معه تحول نوعي في خطاب الشباب ومطالبهم، الأمر الذي دفع وزارة الشباب والرياضة بأن تأخذ بعين الاعتبار هذه المستجدات، من خلال فتح أبواب حوار آخر مع الشباب والعمل على توسيع قاعدة المشاركين وذلك بإشراك الشباب غير المنتمي سواء للجمعيات أو التنظيمات الحزبية، هذه الفئة الأخيرة لا تتجاوز في مجموعها 10 في المائة، في حين كان من غير المنطقي حرمان الفئة الأخرى غير المؤطرة والتي تشكل غالبية الشباب المغربي، لذا كان الحوار الأخير مفتوحا في وجه جميع الشباب بمختلف فئاته الاجتماعية بما فيهم شباب حركة 20 فبراير، وقد بلغ عدد المشاركين في اللقاءات الأخيرة ما يناهز 000 27 شاب وشابة من مختلف مناطق المغرب. أما عن مسألة تحديد سن المشاركة إلى غاية 30 سنة، فهذا كان مطلب معظم الجمعيات، علما أنه ليس ثمة في بلدنا تحديد رسمي للسن المتعلق بالشباب. ويبقى الأهم يضيف السيد الجوهري أن منهجية الحوار التي اعتمدناها من شأنها أن تعطي ثمارها في تعميق مشروع الإستراتجية الوطنية، باعتبار أن الحوار الأول والثاني سيضيف بعدا جديدا للمشروع برؤية شبابية تنظر إلى مستقبل أفضل.
وحول سؤال متعلق بمبادرته توجيه دعوة لشباب حركة 20 فبراير من أجل المشاركة في الحوار الأخير، أجاب السيد الجوهري، أن المغرب عرف كيف يدبر بحكمة مرحلة ما يصطلح عليه بالربيع العربي، وذلك من خلال الاستجابة للمطالب والانتظارات التي عبر عنها بالخصوص الشباب المغربي، لذلك وجهنا الدعوة لجميع فئات الشباب المغربي للمشاركة في الحوار الوطني الأخير بما فيها حركة 20 فبراير حتى لا نتهم كما قيل من قبل بأننا تعمدنا إقصاء البعض في الحوار الوطني الأول. بل إن الحوار لا زال مستمرا، والوزارة ترحب بكل الاقتراحات والآراء والمواقف التي ترد عليها من طرف الشباب.
وفي معرض حديثه عن الإستراتجية الوطنية للشباب، أكد السيد الجوهري أن الغاية المتوخاة من الحوار الوطني الأول والثاني هو إشراك الشباب وإدماجهم في وضع الإستراتجية الوطنية المندمجة للشباب، والتي تعد آلية تعتمد عليها الوزارة الوصية في إعداد وتنفيذ برامج العمل الموجهة لفائدة الشباب. ونتمنى يضيف السيد الجوهري أن تواكب عملية أجرأة الإستراتجية الوطنية للشباب تظافر مجهودات جميع القطاعات المتدخلة من أجل خدمة مصالح الشباب وتحقيق طموحاتهم وانتظاراتهم والقطع مع كل الممارسات التي من شأنها أن تفقدهم الثقة في أنفسهم وفي الآخرين.

أما فيما يتعلق بالتساؤلات المرتبطة بموضوع المجلس الوطني الاستشاري للشباب. أشار السيد الجوهري بأنه لا زلنا لم نتوصل إلى تصور واضع المعالم حول دور ووظائف هذا المجلس وتركيبته البشرية، وقد كان الحوار الوطني مناسبة لطرح مجموعة من الاقتراحات المهمة ومناقشة بعض الأفكار المتعلقة بهذا المجلس، حيث اعتبر معظم المتدخلين أنه من الضروري توفر هذا المجلس على مجموعة من الشروط التي ستضمن له مقومات النجاح في أداء مهامه من ضمنها بالخصوص: لا للتعيين في هذا المجلس، أن يمثل بحق صوت الشباب، تمتعه بالحياد الكافي لأداء وظائفه... وهذا المجلس رغم أنه ليس بهيئة لها صلاحية اتخاذ القرارات وتنفيذها، ولكن عمله سيكون بالغ الأهمية من خلال إنجاز الدراسات وتقديم المشورة الملائمة للحكومة.
بعد ذلك، فتح المجال للشباب الحاضر في هذا اللقاء سواء لطرح تساؤلاتهم أو مناقشة مضمون مداخلة السيد الجوهري، حيث انصبت المناقشة بالخصوص حول غياب التعاون والتنسيق بين مختلف الوزارات فيما يتعلق بمجال الشباب، بعض الصعوبات التي تعترض الشباب في الاستفادة من خدمات الوزارة، المشاكل التي تعاني منها بعض مرافق وزارة الشباب والرياضة لا سيما في مجال التأطير والتجهيز... حيث أكد السيد يونس الجوهري أنه في هذا المجال، قامت الوزارة بإنجاز العديد من المشاريع التي همت إصلاح وتجهيز عدد من المرافق والمؤسسات منها على سبيل المثال إصلاح 20 في المائة من مراكز التخييم، والشروع هذه السنة في إصلاح ما يفوق 100 دار للشباب، فضلا عن مجموعة من المشاريع والبرامج التي تستهدف الرفع من مستوى الخدمات الموجهة للشباب وإشباع احتياجاتهم في مجال التنشيط والترفيه، ولا بد من الإقرار يضيف السيد الجوهري بأنه لا زال ينتظرنا عمل جبار إلا أننا واثقون بأننا نسير جميعا بعزم وبخطى ثابتة نحو تحقيق الأهداف المنشودة

الصحراء المغربية:الأمازيغ والتاريخ

الصحراء المغربية:الأمازيغ والتاريخ

 إن المتتبع لشؤون الصحراء المغربية اليوم لا يجد أي ذكر للأمازيغية ثقافيا ولا سياسيا،ما هي أسباب ذلك ؟ وهل هناك ارث أمازيغي فعلا في الصحراء المغربية؟ولماذا تخلت القبائل ذات الأصول الأمازيغية الصنهاجية عن أصولها الأمازيغية؟ وللإجابة عن هذه الأسئلة لابد من إلقاء نظرة على التاريخ العميق للصحراء المغربية.

أ_الصحراء المفهوم والمجال:
الصحراء لغة كما جاء في قاموس المحيط:"هي الأرض المستوية في لين وغلظ دون الفقر أو الفضاء الواسع لا نبات فيه (..)جمعه صحاري وصحراوات" وفي الموسوعة الميسرة ف"الصحراء منطقة جرداء تغطي الرمال الجانب الأكبر فيها(..)وتقوم بها حياة نباتية وحيوانية جد قليلة"ويطلق عليها بالأمازيغية لفظ "تينيري"tiniri .ومجالا فالصحراء المغربية هي مجموع الأراضي الممتدة من وادي نون إلى الكويرة/الحدود المغربية الموريتاني وهي جزء من الصحراء الكبرى الممتدة من وادي نون إلى نهر السنغال جنوبا ومن المحيط الأطلنطي إلى النيل شرقا .والإنسان الصحراوي هو كل إنسان يعيش داخل هدا المجال متحديا الظروف الطبيعية القاهرة،إما متنقلا وراء قطعانه بحثا الماء و الكلأ أو مستقرا بالواحات ممتهنا الزراعة والحرف.

ب_النقوش الصخرية والأبجدية الأمازيغية الصحراوية:
نقصد بالكتابة الأمازيغية تلك الكتابة التي استعملها الأمازيغ سكان شمال إفريقيا خلال العصور القديمة وطوروها فأطلقوا عليها اسم "تيفناغ"أي اكتشافنا وقد صنفت هده الكتابة الأمازيغية في البداية ضمن اللغات السامية الحامية "chamito-sémitique"إلى جانب اللغة المصرية القديمة والعربية وغيرهما ...والآن تصنف حسب المدرسة الأنكلوساكسونية ضمن اللغات الأفرو أسيوية(1) ،والكتابة الأمازيغية ثلاثة أصناف حسب مناطق تواجدها ومنها الأبجدية الصحراوية "alphabet saharien"والتي انبثقت منها "تيفناغ"القديمة والحديثة والتي مازال الطوارق يتواصلون بها في شؤونهم اليومية .وتنتشر الأبجدية الصحراوية هده بمجال شاسع جدا بأغلب مناطق الصحراء الكبرى إذ تم العثور على لوحات صخرية تشتمل على كتابات أمازيغية و رسومات بالصحراء المغربية بنواحي السمارة وطانطان و اوسرد وكدالك بنواحي تيشيت و ايوالاتن بموريتانيا وبايير بشمال النيجر وبإدرار ايفوغاس بشمال مالي و بتا سيلي بالصحراء الجزائرية وبتادرارت اكوكاس بليبيا و بجزر الكناري "tiknariyin"حيث تعرف بالكتابة الكوانشية نسبة إلى امازيغ كناريا المعروفين ب "الكوانش" الدين مازالوا يعتزون بأصولهم الأمازيغية *،وتتميز نصوص الكتابة الصحراوية الأمازيغية بالاختصار وبقدمها التاريخي اد تعد نقائش تاسلي وتادرارت اكاكوس من أقدم كتابات "تيفناغ" وتنتشر هده الكتابة بمجال كانت تسكنه قبائل آو شعوب الجيتولين"les getules "والكارامانت "les caraments".

ج_بانوراما عن الوجود الأمازيغي بالصحراء المغربية :
تؤكد الدراسات الأنثروبولوجية والأركيولوجية على أن الصحراء من أقدم مناطق شمال إفريقيا تسكانا و صنف سكانها القدماء ضمن إنسان "نيوندرتال"nèandertal والدي اعتبره الباحثون جد الأمازيغ سكان شمال إفريقيا الحالية"تامازغا" وقد تمكن هدا الإنسان من اختراع ثقافة خاصة به سميت بالثقافة العطرية كما أبدع أبجديته المعروفة ب"تيفناغ" وتشهد على ذلك المدافن الأمازيغية القديمةtamulus التي اكتشفت على مصطبات الأودية بالصحراء والمعروفة محليا ب"لجرام"مثل تلك الموجودة بجنوب مصب درعة ووادي الشبيكة.وتحدثت المصادر التاريخية القديمة وخاصة الإغريقية واللاتينية عن الصحراء وسكانها الامازيغ القدماء انطلاقا من الرحلات الاستكشافية والحملات العسكرية حيث ذكرت وصول البحار والرحالة الفينيقي القرطاجي "حانون"إلى منطقة "cernè"بضفاف الصحراء جنوب جزر كناريا"وبهده المنطقة كانت مراكبهم (الفينيقيين) تفرغ حمولتها من البضائع بواسطة سفن صغيرة (..)وكانت المدينة كبيرة تصل إليها السفن ويسكنها قوم من الحبشيين الدراتيتles do ratites" (2)،كما أشار المؤرخ اللاتيني "ساليست"Salluste(86/35ق-م)إلى أن الجيثوليين les getules كانوا يسكنون الصحراء جنوب اللمس حدود المستوطنات الرومانية بشمال إفريقيا وذكر من شعوب الجيثوليين كل من autolos وbaniures  واعتمادا على التقارب الصوتي، كما دهب إلى دلك العديد من المؤرخين أمثال:R.RegetوJ.D.Meunie وعمر افا**،يمكن أن تكون قبيلة "جزولة" الامازيغيةigizuln هي getules والتي كانت تهدد امن المستوطنات الرومانية بهجماتها المتكررة عليها مما دفع بالقادة الرومان إلى تنظيم حملات عسكرية إلى الصحراء لقمع القبائل المهاجمة أهمها حملة " باليونس" و حملة أخرى في عهد "نيرون"(69/79م). (3) وفي القرن الثاني الميلادي قام المغامر"اودوكس دوسيكيز" برحلة في السواحل الجنوبية المغربية وتحدث عن اكتشافه لجزيرة تقطنها النساء،كما ذكر المؤرخ "بلينيوس الأكبر" وجود جزر "كوركاد"أثناء حديثه عن القرن الغربي المواجه لجزر الكناري يسكنها مجتمع تحكمه نساء يسمون les gorgones والامازونات les amazonnes ويلبسن أثناء الحروب ألبسة مصنوعة من جلود الثعابين الكبيرة المنتشرة بالصحراء.(4) ورغم قلة الشارات التاريخية التي وصلتنا عن الصحراء في الفترات القديمة والمغلفة بالأساطير فإنها تكاد تتفق على أن الصحراء كانت مأهولة بالسكان الامازيغ.أما المصادر العربية في العصور الوسطى فتحدثت عن استقرار قبائل صنهاجة بالصحراء والتي تعود حسب النسابين القدماء في أصلها إلى البرانس احد الأقسام الكبرى للاما زيغ(***)وتعرف الفروع الصحراوية من صنهاجة ، بصنهاجة الصحراء أو صنهاجة الرمال أو كدالك بالملثمين نسبة إلى ألثام الذي .كانوا يلزمونه وتتكون من عدد كبير من القبائل يقارب السبعين ،اشترها:كدالة،لمتونه ،مسوفة ،لمطة،جزولة،تاركة...وقد كانت هده القبائل الصنهاجية تشرف على شبكة مهمة من الطرق التجارية الرابطة بين مناجم الذهب وأسوق جنوب الصحراء الكبرى وبين مدن وأسواق البحر الأبيض المتوسط عبر الطريقين التجاريين الساحلي من "اوليل"إلى "نول لمطة"ف"اكوز".والداخلي من "يوالاتن"عبر "اوداغوست"ثم "تغازي"ف"سجاماسة" .كما تتحكم هده القبائل في مناجم الملح مثل منجم "تغازي"و"اوليل"خاصة وان الملح في العصور الوسطى يشكل مادة حيوية في المبادلات التجارية ،وقد أفاد هدا الموقع الهام ثلاثة قبائل أساسية هي :كدالة،مسوفة، لمتونة،في فرض رأستها على بقية الفروع الصنهاجية ،وبعد صراع طويل بين هده القبائل الصنهاجة الثلاثة حول الزعامة ،تكون اتحاد قبلي صنهاجي بقيادة كدالة ساهم في نشوء دولة المرابطين مع بداية القرن الخامس الهجري ،والتي قامت على أساس دعوة دينية إصلاحية بعد أن استقدم "يحيى بن إبراهيم الكدالي "ل "عبد الله بن ياسين الجز ولي(من قرية تامانارت)من عند شيخه "وكآك بن زلو اللمطي "نحو الصحراء.وفي هده الفترة كانت علاقات إمارات المغرب الشمالي بالصحراء حسنة من الناحية التجارية وخاصة إمارة سجل ماسة وإمارة فاس ،هده الأخيرة التي استطاعت بناء مركز مهم"تامدولت" على ضفاف واد ي درعة كبوابة للصحراء ،وبعد قيام دولة المرابطين وبناء عاصمتهم "مراكش"ثم عودة "أبو بكر بن عمر اللمتوني" إلى الصحراء وترك زمام السلطة لابن عمه القائد"يوسف بن تاشفين"فان العلاقة بين أمراء مراكش وأبناء عمومتهم بالصحراء مستمرة.وفي بداية العهد ألموحدي أعلنت قبائل "لمطة"استقلالها تحت حكم سلطانها"اهو كار"حوالي سنة1154م بوادي نون ونواحيه (5)وقد ورد في أخبار المهدي بن تومرت رسالة إلى القبائل الأمازيغية الصحراوية المتمردة يهددهم قائلا:" ...ويل لأهل سوس وجيرانهم جزولة لكست ولمطة وأهل القبلة"(6)وبعد صراع مرير تمكن "عبدا لمؤمن بن علي الكومي" من القضاء على هدا التمرد ،وفي أخر العهد ألموحدي تمرد "علي بن يدر الهنتاتي "وهو من أقرباء"محمد بن يونس"احد وزراء البلاط ألموحدي،بسوس لكن سكان سوس ثاروا عليه فاستنجد بعرب" بني معقل"لدين وصلوا إلى مشارف وادي نون سنة 1218م ،بعد مجيئهم من مصر في موكب قبائل "بني هلال "و "بني سليم"التي أرسلها سلطان مصر للانتقام في إمارات شمال إفريقيا.يقول ابن خلدون في كتابه العبر:"استصرخهم علي بن يدر الزكندري صاحب السوس بعد الموحدين (..)وكانت بينه وبين كزولة الظواعن ببسائط السوس وجباله فتنة طويلة ،استصرخ لها بني مختار هؤلاء فصارخوه وارتحلوا إليه بظعونهم وحدوا مواطن السوس لعدم المزاحم من الظواعن فيها فاوطنوها وصارت مجالاتهم بقفرها وغلبوا كزولة واصاروهم في جملتهم ومن ظعونهم وغلبوا على القصور التي بتلك المواطن في سوس ونول"(7)وتجدر الإشارة إلى أن اكبر حدث عرفته الضفة الشمالية للصحراء الأطلسية في النصف الأول من القرن الثالث عشر الميلادي "هو ما نعتبره اكبر صدمة بشرية حيث شكل مجيء بني معقل السبب الرئيسي في تغيير الخصائص القومية الأمازيغية"(8).ومع الدولة المرينية أصبح الباب مفتوحا إمام القبائل العربية العقلية للوصول إلى الصحراء بتشجيع من المخزن المر يني للقضاء على ثورات القبائل الأمازيغية و تمردها،فدخلت في صراعات حول المجال.يقول المختار ألسوسي:"فاتفق أن كان عرب من معقل(..)يقطعون السبيل بين فاس ومراكش فهم السلطان(أبي الحسن المشهور بالسلطان الأكحل)بالإيقاع بهم فأجفلوا بين يديه إلى الصحراء من حوز سوس فثقفي السلطان آثارهم وتوغل في الصحراء،فالتقى الشيخ احمد الركيبي وقد نزل هناك وشيكا(..)فتداول مع السلطان في أمر غرمائه ليبقي عليهم فيعمروا معه تلك الأرض ضد البربر(الامازيغ)الدين كانوا متأصلين فيها،فدفع للسلطان مالا كثيرا (..)فرجع السلطان"(9) و"بديهي أن ينتج عن كل هدا تفتت تدريجي للبطون اللمطيةو الجز ولية،وكدا لفروع العقليين أنفسهم ،أصبح الكل مطالبا بالاندماج في وحدات اجتماعية من نوع جديد،بدأت ادن الأسماء القديمة في الاندثار لتحل محلها تشكيلات أعرابية أمازيغية تختلف باختلاف أهميتها وهي تشكيلات اجتماعية سياسية مجردة من الجانب الديني،وقد جاء هدا الفصل في المهام كتجسيد لتسيد الأعراب على المنطقة (...)من جهة أخرى نشير إلى أن الحملات المرينية على منطقة سوس الأقصى قد توالت لحمل الأعراب وباقي السكان على دفع الضرائب .وقد كان جلها موجها ضد القصور والمد اشر التي ما تزال أنقاضها تشهد على أهمية الخسائر (...)وقد جاء وباء الطاعون ليتلف ما تركه سوء الحال والبؤس الجماعي "(10)هده الوضعية سمحت بازدياد نفوذ الزوايا و الشخصيات الصوفية "فحينما طل على الناس عصر الزوايا (...)انقطعت الأواصر التي تربط الجز وليين بأصولهم الجز ولية وهبت ريح الانتساب إلى الشخصيات اللامعة في المغرب و المشرق والأندلس بدل الانتماء إلى جزولة فرارا من وصمة الضعف والهوان وبدالك لم يعدلها ذكر إلا في أسماء المواقع الجغرافية والتكتلات القبلية "(11) ، واستمرت الاضطرابات بالصحراء إلى نهاية العهد الو طاسي وخلال هده الفترة سينضاف عنصرا أخر إلى العنصرين العربي والأمازيغي ويتمثل في الغزو المسيحي الأيبيري للشواطئ الجنوبية المغربية ،فأصبحت منطقة الصحراء تتعامل تجاريا وسياسيا مع البرتغال والأسبان حيت ذكرت الباحثةJ.D.MEUNHE توقيع معاهدة بين ممثل التاج الاسباني بجزر كناريا ومملكة مستقلة بوادي نون بمدينة"تكاوست"بتاريخ15فبراير1455م (12)"فابتداء من القرن السادس عشر(الميلادي)تغير كل شيء فلم تعد لهده القبائل(الأمازيغية)نفس الأسماء بل اتخذت لنفسها أسماء أولياء "(13)حيث"وجد الأشراف خير ترحيب من جانب القبائل البربرية (الأمازيغية) العربية في أقصى الجنوب الغربي المراكشي من ساقية الحمراء ، وما من هده القبائل خلا من الأسر الصوفية أو الشريفة التي كانت تستبقيهم بين ظهرانيها وتعطيهم الأرض والمنافع العديدة وتجعل منهم شيوخا روحيين وحماة صوفيين وهكذا نشأت نبالة دينية في القبيلة وجرى تنظيم اجتماعي جديد وطبقة جديدة"(14).أما السعديون فقد أولوا عناية خاصة ومميزة للصحراء :
أولا: لان حركتهم انطلقت من أطراف الصحراء إذ أن زعيم دعوتهم الروحي هو سيدي محمد بن مبارك الاقاوي والدي استنفر القبائل السوسية والصحراوية للجهاد ضد الغزاة الأسبان والبرتغال وتذكر الرواية الشفوية بأن سيدي داود دفين تلمزون وسيدي واحسون دفين فراح بزيني من قادة المجاهدين(ايت اعزى ويهدى) الدين حرروا ثغور الصحراء من المحتلين الأسبان والبرتغال خلال (ق16)
وثانيا: لأسباب لخصها المؤرخ الافراني في قولة احمد المنصور الذهبي:"ونحن اليوم قد انسدت أبواب الأندلس باستيلاء العدو الكافر عليه جملة وانقضت عنا حروب تلمسان ونواحيها من الجزائر باستيلاء الترك عليها"(15) مما دفع بالسعديين إلى الاهتمام بالتجارة الصحراوية والوصول إلى منابعها حيت قام احمد المنصور بحملة إلى السودان الغربي حوالي 1580م .وبعد اضمحلال الدولة السعدية سنة 1628م تاريخ وفاة السلطان زيدان تصاعدت نفوذ قوى دينية أخرى تتمثل خصوصا في الزاوية السملالية مند سنة 1628م حيث استطاع أبي حسون السملالي مد نفوذ على الصحراء وتمكن من استقطاب التجارة الصحراوية إلى عاصمته "ايليغ".وبعد هده الإمارة تمكن السلاطين العلويين من مد نفوذهم إلى أعماق الصحراء وخاصة المولى إسماعيل تصاهر مع قبائل الصحراء وامتدت حدود مملكته غالى "تلمسان وجميع بلاد الصحراء وتوات وفكيك وأطراف السودان وتيغازي والسوس الأقصى"(16) والسلطان محمد بن عبد الله الذي نشأ بوادي نون عند أخواله . وقد تحدث سفير فرنسا بالصويرة (بداية القرن التاسع عشر) في مذكراته عن وادي نون وتجارتها وعن تدخل السلطان المغربي لفك اسر بعض الاوربين الدين غرقت سفينتهم بسواحل الصحراء ممن أسرهم وذكر شخصية بارزة بوادي نون اسمها" علي آو الحاج" تم السلطان الحسن الأول الذي وصل إلى اكلميم سنة1886م وما بين1906/1910 قاد الشيخ ماء العينين حركة إصلاحية جهادية جمعت القبائل الأمازيغية والعربية لتستقر بتزنيت وسيجاهد احمد الهيبة ضد الفرنسيين باحواز مراكش سنة 1912 وستستمر هده الحركة الجهادية تدافع عن الجنوب المغربي إلى سنة 1934م حيث احتلت القوات الفرنسية الأطلس الصغير ووادي نون إلى مصب درعة واحتلت اسبانيا جنوب درعة غالى موريتانيا وان كان اهتمام اسبانيا بالصحراء قد بدأ مند معاهدة تطوان بين المغرب واسبانيا في منتصف القرن التاسع عشر حيت ادعت بأنها تملك مرفأ بسواحل الصحراء مند(القرن 15م )اسمه santa Cruz de mar pequena فعمدت سنة1884م إلى إنشاء قاعدة بحرية بالداخلة الحالية تحت اسمvilla Cisneros بذريعة حاجتها إلى ميناء في طريقها إلى غينيا الاستوائية وفي نفس السنة احتلت انجلترا مرفأ طرفاية cap Jubyوبنى بها قائدها (ماكينزي) قاعدة بحرية مازالت أطلالها شاهدة على تلك الفترة وفي سنة 1900 وقعت اسبانيا مع فرنسا معاهدة رسمت بموجبها الحدود الجنوبية للصحراء وفي سنة 1912استكملت اتفاقيات الحدود بين الدولتين بعد رد أطماع الدول الأوربية الأخرى عن المغرب(انجلترا وألمانيا) فتم رسم الحدود الشمالية للصحراء بينهما فعمدت اسبانيا الى احتلال مرفأي الكويرة سنة 1912 وطرفاية 1916 واكتفت بها حتى بداية العقد الثالث من القرن العشرين أثناء الحرب الأهلية الاسبانية فتوغلت جيوشها بداخل الصحراء واستكملت احتلالها سنة 1934 حيث وصلت إلى السمارة وقسمت الصحراء إلى منطقتين من وادي درعة إلى جنوب الطرفاية اعتبرتها منطقة حماية جنوب المغرب ثم منطقة الساقية الحمراء ووادي الذهب التي اعتبرتها مستعمرة(ملكية) اسبانية خالصة .لقد اختلطت القبائل الأمازيغية الأصيلة بالقبائل العربية الطارئة واثروا فيهم وتأثروا بهم "وهكذا تضافرت العوامل السياسية والاقتصادية والاجتماعية طوال عدة قرون لترسم الخريطة اللغوية التي وجد عليها المغرب عند وقوعه في قبضة الاستعمار الأوربي الفرنسي الاسباني"(17)

_هوامش:_

1:مصطفى اعشي ،جذور الكتابة الأمازيغية،في كتاب،من اجل ترسيم أبجدية تيفناغ لتدريس الأمازيغية ،منشورات A.M.R.E.C الرباط،2002 ص:9/32._* امازيغ كناريا استضافوا المؤتمر الأول للكونكريس العالمي الأمازيغي بجزر كناريا الأسبانية وبمدينة تيني ريفي ._2:مصطفى ناعمي،الصحراء من خلال تكنه تاريخ العلاقات التجارية والسياسية ،منشورات عكاظ 1988_**عمر افا ،مسألة النقود في تاريخ المغرب في ق 19(سوس1822/1906)منشورات كلية الآداب أكادير 1988صفحة:74_3:محمد حنداين،شمال إفريقيا المغرب دراسات في التاريخ والثقافة ط1 المغرب 1996._4:احمد سراج،مجلة أمل عدد13/14سنة1998.***:إبراهيم حركات،المغرب عبر التاريخ ،الدار البيضاء،ط.2،ج،1سنة1984ص154._5:D.J.Meunie,le Maroc saharien des origine aux XVII em siecles.librairie klinsiech.1982 .t.1_6:مجلة البحث العلمي الرباط عدد27 ص:232._7:عبد الرحمان بن خلدون.كتاب العبر وديوان المبتدأ والخبر المجلد السادس .بيروت.ص:85._8:ناعمي .مرجع سابق /ص:88._9:محمد المختار ألسوسي .المعسول .ج:XII ص:88._10:ناعمي .مرجع سابق ص:96._11:التقي العلوي،أصول المغاربة، مجلة البحث العلمي ،عدد27 سنة 1977 الرباط ص:234._12:موني :م.س/ص:311._13:الفرد بل .الفرق الإسلامية بالشمال الإفريقي ،ترجمة عبد الرحمان بدوي .بيروت ص:433._14:الفرد بل .م.س.ص:433._15:محمد الافراني الصغير، نزهة الحادي في أخبار ملوك القرن الحادي ص:91._16:الضعيف ألرباطي .تاريخ الدولة السعيدة،تحقيق ألعماري ص:98._17:محمد شفيق لمحة عن 33قرنامن تاريخ الامازيغيين .الرباط 1989.


مصطفى ماء العينين الشيخ حسنا
العيون
عم جدار فايسبوك  لـــ : Mustapha Cheikh Hasanaa