الخميس، 7 مارس 2013

نساء مغربيات : الشهيدة المغربية ثريا الشاوي


أول رُبَّانة مغربية وعربية


 هنا قصة امرأة مغربية استثنائية، إسمها ثريا الشاوي.. ولمن لا يعرف ثريا الشاوي، فإنها كانت وعدا مغربيا جميلا، ومثالا مشرفا للمرأة المغربية، كونها كانت أول طيارة مغربية في زمن كانت حتى الطيارات الأروبيات والأمريكيات واليابانيات قليلات جدا، بل تعد على رؤوس أصابع اليد الواحدة. هي عنوان اعتزاز لكل مغربي، وإذ نستعيد ذاكرتها اليوم فإنما نستعيد جوانب مشرقة من ذاكرة المغاربة الجماعية. ورغم أنها قتلت في أول سنة للإستقلال، في واحدة من أبشع الجرائم السياسية في المغرب، فإنها بقيت خالدة، وطوى النسيان قتلتها. إننا سوف نرافق قصة حياتها، كما صدرت في كتاب جديد للأستاذ عبد الحق المريني مدير التشريفات والأوسمة، أصدرته مؤسسة محمد الزرقطوني للثقافة والأبحاث، بعد أن كان يعتقد أنه وثيقة ضاعت إلى الأبد، كون الطبعة الأولى للكتاب صدرت سنة 1956، باسم مستعار لشاب مغربي وطني طموح، هو الأستاذ عبد الحق المريني.. هي قصة أخرى لعنوان من عناوين الشرف في هذه البلاد، نسعد أن نقدمها للناس وللأجيال الجديدة..

ولدت الشهيدة ثريا الشاوي، يوم 14 دجنبر 1937. لكن جريمة مجموعة أحمد الطويل، كان لها رأي آخر، حيث حرمت المغرب من واحدة من أهم أطره الوطنية الواعدة. وكما ورد في كتاب الأستاذ عبد الحق المريني، فإنها قد ولدت بالتحديد على الساعة السادسة وعشر دقائق بحومة القلقليين القديمة بمدينة فاس. مضيفا بلغة أدبية شفيفة، للشاب الذي كان له سنة 1956، تاريخ صدور الطبعة الأولى من الكتاب الوثيقة: « ظلت ثريا تنقل بعض خطوات الطفولة، تحرسها مواكب الحنان، وترعاها عيون الرعاية، من أبوين كريمين. وما إن خلعت على جسمها الغض ثوب السنة السادسة من عمرها، حتى أخذت دلائل النجابة المبكرة تبدو عليها، وطفقت عليها أمارات الذكاء الوقاد تتجلى منبئة بمستقبل زاهر، وحياة ستكون مسرحا لجلائل الأعمال. وقد امتازت أيام طفولتها بأوصاف من الغرائب بمكان، كالزهد في جميع مسائل اللهو وأسباب التسلية، والهيام المفرط بالألعاب الميكانيكية الصغيرة، كالطائرات وغيرها»..

كان حلم الطيران إذن حلم طفولة بعيدة، بالنسبة لثريا الشاوي. والطيران حينها، بالنسبة لجيلها، الذي لم تفتنه بعد أسباب الدعة التكنولوجية المتوفرة في ما بعد للأجيال المتلاحقة مغربيا، كان فرحا بلا ضفاف،، كان حلما مغريا يغدي الخيال ويجعله يسافر في التحليق في سماوات العلا، التي ليست فقط سماوات الله الواسعة، بل أيضا سماوات العلم والمعرفة وامتلاك ناصية المعرفة التي تسمح للمغربي والمغربية أن تملك الأسباب للتمكن من التكنولوجيا الحديثة، وضمنها الطيران. بالتالي، فإن أمل ركوب الطائرة وقيادتها، كان تحديا، وكان رهانا للفوز وإتباث الذات، مما يترجم حاجة جيل كامل من مغاربة ذلك الزمن في استحقاق أيامهم، واستحقاق أسباب التقدم. وقبل أن نواصل رحلة حياة ثريا الشاوي في سنوات طفولتها الأولى، ودور والدها في تربيتها تربية حديثة، عقلانية، متطورة، لنتوقف قليلا، عند التقديم الذي خص به الأستاذ عبد الحق المريني الطبعة الثانية من كتابه « الشهيدة ثريا الشاوي، أول طيارة بالمغرب الكبير »، الصادر عن منشورات مؤسسة محمد الزرقطوني للثقافة والأبحاث، يوم 18 يونيو 2009، أن في ذلك التقديم بعض من تفسير أسباب كتابته لذلك الكتاب منذ أكثر من 50 سنة.. لقد كتب يقول:

«
هذه صفحات من حياة فقيدة الطيران الوطني المرحومة ثريا الشاوي.. صفحات من تضحية في سبل الوطن.. صفحات من نهضة المرأة المغربية وانتصاراتها.. صفحات خلدتها الفقيدة، فيحق إخراجها للوجود.

إن ثريا كافحت وناضلت ودافعت عن حقوق وطنها المغصوبة، وفتحت في وجه الفتاة المغربية باباً من أبواب تطورها وتقدمها. أرادت أن ترسم لها أروع الأمثلة في التضحية والبسالة والإقدام، فطارت تحلق في سماء المغرب، أحبت أن تكون ممن انتشل الفتاة [ المغربية ] من كبوتها، وأنقذها من وهدتها، فمثلت على خشبات المسرح المغربي، وكتبت وخطبت في حفلات عيد العرش، وواصلت الخطى، حتى صوبت نحوها يد أثيمة رصاصة في يوم من الأيام، التي عملت من أجلها، وناضلت كأخواتها في سبيل تحقيقها، أيام استعادة الحرية والعزة والكرامة. فجعلت منها تلك الرصاصة شهيدة من شهداء الوطن.

فإذا تخيل الذين أجرموا في حقها ـ بأي دافع كان ـ أنهم قتلوا ثريا، فإن ثريا لم تمت ولن تموت أبداً، أو حطموا ركنا من أركان النهضة النسوية بإطفاء شعلة من شعلها، وإخماد صوت من أصواتها، فإن فكرة ثريا حية خالدة إلى الأبد
 
 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق