السبت، 1 سبتمبر 2012

المجلس الاستشاري للشباب والعمل الجمعوي




Auteur: MOHAMED NEBBOU


 المجلس الاستشاري للشباب والعمل الجمعوي:الدلالات ومهام الفعاليات الشبابية

 اعتبر كثير من الفاعلين الشباب والمهتمين بالعمل الجمعوي والشبابي أن الدستور الجديد شكل نقلة نوعية على مستوى التعاطي مع قضايا الشباب بالمغرب كما دشن لمرحلة جديدة ومقاربة متقدمة تمثل إلى حد ما شبه قطيعة مع النظرة الكلاسيكية القديمة التي ظلت سائدة لعقود خلت حيث أفرد هذا الدستور وبشكل صريح فصلين لهذه الشريحة من المجتمع حيث جاء في الفصل الثالث والثلاثون من الباب الثاني الخاص بالحريات والحقوق الأساسية ما يلي " على السلطات العمومية اتخاذ التدابير الملائمة لتحقيق ما يلي :
ü  توسيع وتعميم مشاركة الشباب في التنمية الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والسياسية للبلاد
ü  مساعدة الشباب على الاندماج في الحياة النشيطة والجمعوية وتقديم المساعدة لأولئك الذين تعترضهم صعوبة في التكيف المدرسي أو الاجتماعي أو المهني
ü  تيسير ولوج الشباب للثقافة والعلم والتكنولوجيا والفن والرياضة والأنشطة الترفيهية مع توفي الظروف المواتية لتفتق طاقاتهم الخلاقة والإبداع في كل المجالات
ü  يحدث مجلس استشاري للشباب والعمل الجمعوي من اجل تحقيق الأهداف وتفعيل الإجراءات الواردة في هذا الفصل "
 ومن خلال قراءة متأنية لهذا الفصل يبرز انه تلخيص لأهم العقبات والمشكلات وتشخيص دقيق لواقع الحال وجرد لتحديات المطروحة من اجل الارتقاء بوضع الشباب بالمملكة إذ وفضلا عن الدلالة القوية التي يمكن أن يوحي بها إدراج فصل خاص عن هذه الفئة ضمن باب خصص للحقوق والحريات الأساسية اللازم تمتع المغاربة بها أفراد وجماعات , نساء ورجال, باعتبارها فئة تشكل الحجر الأساس للمجتمع والتحدي الأكبر للدولة من حيث حاجياتها واكراهاتها ومطالبها المتجددة والمتسارعة في زمن الانفتاح والعولمة فالفصل الثالث والثلاثون وان كان يتحدث صراحة عن ما يلزم القيام به من طرف السلطات المعنية لتمكين هذه الفئة من مقومات التمتع بحقوقها المشروعة فانه يقر ضمنيا بحجم العوائق التي تقف سدا منيعا أمام تمتيع الشباب المغربي بحقوقه والتي يستشرف من خلال ما نص عليه تجاوزها في المستقبل معتبرا ذلك بمثابة مداخل تحقق ما عجزت عن تحقيقها سلفا وهذه العقبات غير المعلن عنها صراحة هي "الحرمان" من المشاركة في الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية للبلاد نتيجة سياسة الاحتكار الممنهجة من قبل الفئات المعمرة في كل المجالات وهو أمر لم يعد مقبول السكوت عنه مهما كانت الذرائع والمسوغات وكذا صعوبة الاندماج في الحياة المدرسية والاجتماعية والمهنية الذي تعانيه شرائح عريضة داخل هذه الفئة وهو ما يعني الحيلولة دون تمتعها بحقوقها الثقافية والمهنية والاجتماعية بفعل عدم نجاعة الآليات والمقاربات المعتمدة حتى ألان ونتيجة هذه العقبات المتعددة الأصول فإن البلاد عانت نتائج يمكن اختصارها في محورين أساسيين أولهما حرمان جزئي أو كلي جماعي أو فردي لفئة الشباب من التمتع بحقوقها كاملة غير منقوصة وما لذلك من أثار على تصنيف المغرب في السلاليم الدنيا لمؤشرات التنمية البشرية دوليا وثانيهما هو عدم استفادة البلاد من خبرات ومهارات وقدرات هذه الفئة وطاقاتها الكامنة نتيجة غياب الاندماج وسيادة منطق الإقصاء والتهميش وعموما فان الإمعان في تفاصيل هذا الفصل تؤكد بالملموس اعتراف الدولة بخطيئتها السياسية وتواضع نتائج سياساتها في تمكين الشباب وإدماجهم في الحياة العامة وبذلك لم تحصد البلاد مما سبق من مقاربات سوى الفشل ونتائج كارثية مزدوجة الانعكاس على الفرد والدولة وأفرزت تمظهرات عدة كردود أفعال عن هذا الوضع غير المرضي في شكل هجرة سرية , هجرة الأدمغة , الانحراف ...., والاحتجاجات بكل أشكالها ومطالبها والتي تتقاطع في مطلب شامل هو ضرورة الإقرار بالمسألة الشبابية بالمغرب في الوقت الراهن وضرورة مراجعة منطق التعامل مع مطالبه والاشتغال بكل جدية ومسؤولية على حاجياته باعتماد مقاربة تقطع مع سابقاتها وهذا ما حاول الوقوف عليه الفصل مئة وسبعون من الباب الثاني عشر المتعلق باليات الحكامة الجيدة وخاصة فيما يخص الشأن الشبابي حيث جاء فيه أن المجلس الاستشاري للشباب والعمل الجمعوي المحدث بموجب الفصل الثالث الثلاثون من الدستور "يعتبر هيئة استشارية في ميادين حماية الشباب والنهوض بتطوير الحياة الجمعوية وهو مكلف بدراسة وتتبع المسائل التي تهم هذه المسائل وتقديم اقتراحات حول كل موضوع اقتصادي واجتماعي وثقافي يهم مباشرة النهوض بأوضاع الشباب والعمل الجمعوي وتنمية طاقاتهم الإبداعية وتحفيزهم على الانخراط في الحياة الوطنية بروح المواطنة والمسؤولية " وهو ما يوحي بان منطق النيابة في معالجة قضايا الشباب لم يعد يجدن نفعا وان الأمر بات يتطلب استحضارا فعليا لهذه الفئة في كل تناول لقضاياها بعيدا عن الحجر والوصاية التي ظلت سارية المفعول ولعل إدراج هذا الفصل في الباب المتعلق بميكانزمات الحكامة والتدبير الرشيد لمؤشر على ضرورة اخذ نفس جديد وفي هذا الإطار يقول الملك في خطابه بتاريخ السابع عشر يونيو المنصرم أثناء تقديمه للمحاور الكبرى لمشروع الدستور متحدثا عن هذه الهيئة الشبابية "... وعملا على تمكين الشباب من فضاء مؤسسي للتعبير والنقاش فقد حرصنا على إحداث مجلس للشباب والعمل الجمعوي يشكل قوة اقتراحية لتمكينهم من المساهمة بروح الديمقراطية والمواطنة في بناء مغرب الوحدة والكرامة والعدالة الاجتماعية ..." فهذا المجلس اذن هو بوابة لإشراك الشباب في تدبير شؤون البلاد ومن ضمن ذلك القضايا المتعلقة بالشباب وإجمالا فان التنصيص وبشكل صريح على حقوق الشباب وسبل تحقيقها في الدستور الجديد هو دخول مرحلة جديدة يفهم منها الانتقال من وضع طبعه الشعار "ضرورة التشبيب " إلى وضع يفسح الطريق لتنزيله وإقراره كواقع معاش ,هذا التقدم الملموس لم يكن عبثا بل هو نتاج ثمرة نضالات قوى شكل الشباب عمودها الفقري بطبيعة الحال كما أن المكانة التي حظي بها الشباب في الدستور الحالي ولو من الناحية النظرية حتى الآن هي محاولة لمصالحة الدولة والفاعلين من داخلها مع الشباب كما أن هذا التنصيص هو التقاط وان اعتبره البعض متأخرا لرسائل مشفرة من قبل الفعاليات الشبابية في العقد الأخير من خلال جملة من الاحتجاجات وتعابير الرفض لواقع الحال التي اتخذت أشكال متعددة يبقى أبرزها العزوف الكبير عن انتخابات 2007، والمشاركة الملحوظة في حركة 20فبراير سواء بالتواجد الميداني أو على مستوى العالم الافتراضي وهي أهم المحطات التي شكلت سياقات حقيقية دافعة لتبيئة الشباب المكانة التي نص عليها هذا الدستور إلا انه وعلى الرغم من الارتياح المسجل بخصوص منحى التعاطي مع المسألة الشبابية انطلاقا من مقتضيات الدستور فان الكثير من الاستفهامات والحذر والحيطة ينبغي أن يتحلى بها الفاعلون الشباب حيث يجب أن يبقى الاطمئنان مرفوقا بحذر شديد ويقظة خصوصا إذا ما استحضرنا التجارب السابقة المتعلقة بالمؤسسات الشبابية وأيضا الفصل مئة وواحد وسبعون من الدستور والذي ينص على أن تأليف وصلاحيات وتنظيم وقواعد تسيير المؤسسات والهيئات المنصوص عليها في الفصول مئة وستون إلى مئة وسبعون من هذا الدستور تحدد بقوانين و اعتبارا لذلك فان المرحلة القادمة تشكل أولا امتحانا حقيقيا للدولة حول حقيقة ما عبرت عنه مضامين هذا الدستور وثانيا محطة صعبة المهام بالنسبة للفعاليات الشبابية والتي تتطلب نضال لا يقل أهمية عن ما سبق مرحلة التنصيص والاعتراف بالشباب كقوة اقتراحية وفاعلة في الحياة العامة تقتضي الضرورة ادمجها ومن ابرز المهام الملقاة على عاتق الشباب المغربي اليوم هو مواجهة الحرس القديم الذي مازالت أمامه فرصة أخرى لإقبار هذا المولود والمتمثلة في التشريع لهيكلة وتنظيم وتسيير هذه المؤسسة الشبابية المنصوص عليها وكذلك الضغط من اجل التسريع بإخراج هذه المؤسسة إلى حيز الوجود والحرص على الدفاع عن الديمقراطية والشفافية والمشاركة الحقيقية للشباب في تأسيس هذه الهيئة حتى تكون ممثلا حقيقيا ومعبرا فعليا لطموحات وتطلعات وآمال الشباب المغربي ويمكن البلد من أفق جديد على جميع المستويات والأصعدة كبديل عن الركود السياسي العام الموشوم بطابع الشيخوخة والعتاقة والتقادم والرتابة والتكرار

 إن الحديث عن الإضافة النوعية التي يمكن أن يضيفها خلق المجلس الاستشاري للشباب والعمل الجمعوي على الحياة الشبابية المغربية بشكل خاص والحياة العامة بشكل عام لا يعني البثة إغفال دور الهيئات والمؤسسات الأخرى بالنظر للتقاطع الكبير الذي يميز متطلبات الشباب بين مؤسسات وإرادات عدة هذا فضلا عن التواجد والحراك اليومي المفروض القيام به من قبل الشباب والفعاليات الشبابية من منطلق أن كل مكسب حتى ولو على علته يتطلب تحصينا وحماية كلبنة أولى في أفق بناء ما تبقى من المسار.

 محمد نبو

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق